حسب ما نشر في الصحف الكويتية فإن وزير الصحة الدكتور هلال الساير قام بزيارة لولاية لويزيانا الامريكية بصفته رئيسا للهلال الاحمر الكويتي وهناك قدم تبرعاً من الكويت لإنشاء مقر جديد للصليب الاحمر الامريكي في مدينة باتون روج عاصمة هذه الولاية قدره 25 مليون دولار، وهو تبرع وصفه مكتب حاكم الولاية بأنه «الأكبر الذي يحصل عليه الصليب الاحمر في لويزيانا»، وبمقابل هذا التبرع جرى تعيين الدكتور الساير عمدة ورئيسا فخرياً لمدينة باتون روج!!
الولايات المتحدة هي أغنى بلد في العالم، والاقتصاد الامريكي وحده يمثل 30 بالمائة من الاقتصاد العالمي، والكويت بكل نفطها الحالي، والمستقبلي لا تصل إلى ثروة وإمكانات أصغر الولايات الأمريكية الخمسين أو حتى بعض الشركات الأمريكية، لذلك فإنه ما لم تُقدم لنا الحكومة الكويتية دليلاً مقنعاً على أن هذه الملايين الخمس والعشرين حققت لنا مكسباً سياسياً ملموساً فإن تقديمها إلى ولاية لويزيانا ليس إلا عبثاً في عبث، وأموالاً ألقيناها في البحر الأمريكي الذي لو ألقينا فيه كل نفطنا لما شعر به أحد هناك.
ولا أريد هنا أن يناقشني أحد في مسألة العلاقة السياسية مع الولايات المتحدة ودورها في تحرير الكويت واعتمادنا شبه الكامل- للأسف- عليها في تحقيق الأمن الخارجي فأنا لا أجادل في ذلك، ما أريد أن أعرفه - وكثير من الكويتيين- هو: من يتخذ مثل هذه القرارات المالية؟ وما هي أسس هذه الجهة أو تلك، أموالاً ومنحاً أو قروضاً ميسرة؟ وهل مثل هذه القرارات تتخذ على أسس موضوعية ودراسة من متخصصين أم أنها اجتهادات شخصية لا أكثر؟.
الكويت لم تقصر قط في علاقاتها مع الولايات المتحدة، فنحن نخسر كل سنة حوالي نصف مليار تكاليف مباشرة وغير مباشرة لوجود 26 ألف جندي أمريكي في الكويت، وان أراضينا هي ممر لتسعين بالمائة من القوات والأسلحة والمؤن للقوات الأمريكية في العراق من حرب عام 2003، هذا غير اننا نبيع لهم الوقود رخيصاً، ونحن ندفع ثمناً مالياً وسياسياً وأمنيا باهظا من وراء هذا الارتباط، وهذا موقف يفترض ان يكون قد حقق لنا الارتباط الإيجابي مع السياسة الخارجية الامريكية اذا كان ذلك هو الهدف، فما المنطق اذا في تقديم اموال الى جهات داخلية امريكية مثل الصليب الاحمر؟ أليس مستشفيات الكويت الهلال الاحمر الكويتي مثلا - او اي هلال احمر لبلد فقير منكوب - أحوج الى هذه الملايين؟