هل تكون الكويت أول الخاسرين من سياسة أوباما العراقية
عندما جعل باراك اوباما من «التغيير» شعاره لحملته الانتخابية الرئاسية عام 2008 كان علينا في الكويت ان ندرك ان هذا التغيير آت لا محالة وانه سيشمل المسألة العراقية ولن يكون بالضرورة في مصلحتنا، وقد بينت زيارة رئيس وزراء العراق نوري المالكي الأخيرة الى واشنطن ودعم اوباما الكامل له في مسألة انهاء القرارات الدولية ان شهر العسل الكويتي الأمريكي - وان طال - سيأتي عليه يوم يضمحل وتتلاشى أسبابه.
وقد بين اوباما منذ حملته الانتخابية انه يسعى للخروج من العراق في أقرب فرصة وبأقل ما يمكن من الخسائر السياسية والاقتصادية في منظور الرأي العام الأمريكي، وحسبما ترى الادارة الديموقراطية التي يقودها فان «الحرب على الارهاب» يجب ان تنحصر في افغانستان وباكستان وان اقحام العراق في الموضوع كان خطأ الجمهوريين، لذا تلهث هذه الادارة الآن نحو مسارعة تنفيذ الانسحاب من العراق بغض النظر عن جاهزية او عدم جاهزية العراقيين لاستلام زمام امورهم الوطنية.
ولا أدل من مخاطر هذا الاستعجال في طي ملف العراق - أمريكيا - من التوتر المتصاعد حاليا بين الحزبين الكرديين الحاكمين في شمال العراق وبين الحكومة المركزية والذي قد يغري الاكراد بالانفصال، وبدورها فان الحكومة المركزية التي يقودها المالكي لا تتمتع بأساس حقيقي من التمثيل الوطني بل تمثل لفيفا من الميليشيات المنظومة تحت المشروع الأمريكي للعراق مرحليا والمخترقة من قبل ايران عمليا، واضافة الى هذا الواقع الطائفي الملغوم فان الادارة الحكومية الحالية في بغداد تمثل احد اسوأ نماذج الفساد المالي على مستوى العالم، ولديه سجل سيء جدا في المجالين الامني والعدلي مع اخفاق في الجانبين التنموي والخدمي.
كل هذا لن يهم اذا ما قدر الامريكيون ان من مصلحتهم نفض ايديهم من العراق خلال سنتين او ثلاث، لذا سيحاول اوباما تقديم كل صور الدعم الممكنة لحكومة المالكي او اي حكومة عراقية تليها من اجل تعزيز الوهم بأن العراق جاهز لتولي اموره بنفسه، وهنا يأتي دور الكويت، وهنا ستصبح حقوقنا المترتبة على الغزو العراقي عام 1990 في مهب الريح، وقد سمعنا أوباما قبل ايام يتكلم على قرارات دولية ملزمة للعراق مطالبا بنفسها كما لو كان نائبا في البرلمان العراقي وليس رئيس الدولة التي ضغطت لاصدار هذه القرارات، وكما لم تكن الكويت «حليفا استراتيجيا» لواشنطن كما قيل لنا قبل سنتين.
في عام 1973 انسحبت الولايات المتحدة من فيتنام الجنوبية وزعم الرئيس الامريكي وقتها نيكسون بأن «المهمة انجزت» وانه تأسست دولة راسخة في فيتنام الجنوبية وتم رد الخطر الشيوعي، وبعدها بأقل من سنتين اجتاحت فيتنام الشمالية الجنوب وضمته اليها، فهل يتكرر السيناريو الفيتنامي نفسه في العراق؟
أضف إلى ما سبق الحوار الدائر والمستمر تحت الطاولة بين إدارة أوباما وبين الايرانيين والذي تقدم طهران نفسها فيه كقوة اقليمية تملك اوراقا كثيرة للتفاوض ولكسب المواقع في المعادلة الاقليمية، بمقابل عالم عربي مفكك وعاجز، وبمقابل «مجلس تعاون خليجي» موجود على الورق فقط!!
يقولون «ليس في السياسة اصدقاء دائمون او اعداء دائمون وانما مصالح دائمة»، فهل تتلاشى يوما مصالح الولايات المتحدة مع الكويت ودول الخليج؟ وماذا أعددنا من بدائل لأمننا الكويتي؟